Friday, December 18, 2015

جحيم لندن ومشايخ لم يلتثموا













جحيم لندن ومشايخ لم يلتثموا

كنت مع الوالد في الريجنت عندما استعرت شمس لندن،
 وارتفعت حرارتها حتى بلغت 35 درجة مئوية.
شعرنا ونحن نتقلّب في اللهيب أن هذه الحرارة هي ما دفعت راي برادبري (Ray Bradbury)، لكتابة روايته (فهرنهايت 451) في عام 1953 وإنتاجها لاحقا كفيلم ذائع في عام 1966 ، والمقصود بالاسم درجة الحرارة اللازمة لحرق الكتب.
وفي لندن تكون 35 مئوي درجة الحرارة اللازمة ليتجرّد الناس من كثير من الملابس، ويتخّففوا مما يثقل أبدانهم وكأن للحرارة أنياب تنشب أظفارها فيهم فلا تعود الثياب ذات نفع.
سألني والدي عن عادة إظهار السيقان والتخفف على هذا النحو، وهل هي عادة أم ضرب من التبرّج والإغواء.
فقلت: أجد أنها عادة متأصلة في الحضارات الأوربيّة ولها مرجعيات يمكن العثور عليها في الحضارات السالفة كالحضارة الكريتية أو المينوية نسبة إلى بيت مينوس الذى سيطر على جزيرة كريت لفترة طويلة بدأت حوالي 2600 ق م، ولأن الرجال والنساء جميعاً كانوا يحرصون على أن يكونوا- أو أن يبدوا- رفيعي الوسط كأن أجسامهم تتركب من مثلثين. أرادت النساء في العصور المتأخرة أن ينافسن الرجال في ضيق أوساطهن فعمدن إلى المشدات القوية تجمع تنوراتهن حول أعجازهن، وترفع أثداءهن العارية إلى ضوء الشمس. وكان من عادات الكريتيات الظريفة أن تبقى صدورهن عارية، أو تكشفها قمصان شفافة، ولم يكن أحد يتحرج من هذا أو يرى فيه غضاضة. كما أورد ذلك صاحب كتاب قصة الحضارة وول ديورانت.
ثمّ عرّجتُ بالحديث فتناولت شيخنا ابن بطوطة الذي ذكر في رحلته إلى بالي أنه تمكن من إرغام جميع الرجال على حضور صلاة الجمعة وهو أمر فيه من المشقة الشيء الكثير، ولكنه عجز عن جعل امرأة واحدة تستر صدرها بقميص أو حتى بمشدّ مينوي. وذكر في موضع آخر أن النساء في هرمز كنّ يتخففن عند الحر أيضا ويتركن صدورهنّ عارية.
فذكر الوالد حكاية حدثت معه في مسقط، عندما قصده للزيارة والسلام عليه مجموعة من مشايخ بني جعلان.
فعندما أرادوا مغادرة الفندق وجدوا أن الطريق الى المخرج طويل ومديد فآثروا اختصاره بطريق جانبيّ آخر كان يشرف على حمام سباحة، وإذا بفتاة تقف بقامة منتصبة تقشّفت حتى ما عاد يسترها إلا سروال كمثل هذا الطربوش (ورفع الوالد طربوش الكندورة بين أصابعه). قال: وصرنا في حرج شديد، فرجال بني جعلان اعتادوا النساء منتقبات من الرأس الى أخمص القدم، امّا الجسد العاري الذي انتصب لصب ماء فما رأوه قطّ.
فتذكرت بدوري ما حدث في المزاد الذي أقيم في مقاطعة ويلتشير وبيع فيه سروال داخلي يعود للملكة فيكتوريا بسعر بلغ 10 آلاف و500 جنيها استرلينيا. وكان سروالا هائلا يبلغ مقاس خصره نحو 114 سنت مترا وينزل إلى ما تحت ركبتي الملكة.
فجعلني ذلك أفكّر في "سترنج" العارضة (كيت موس) والشوط الطويل الذي قطعه سروال الملكة في هرولة مع الزمن من الركبة حتى أصبح ناحلا كالطربوش.


http://www.electronicvillage.org/mohammedsuwaidi_article_indetail.php?articleid=18

No comments:

Post a Comment