Sunday, January 3, 2016

في الطريق إلى عروس الإدرياتيك








27 ديسمبر 2011م
الطفل الأشقر الصغير في المقعد المحاذي لنا في درجة رجال الأعمال راح ينشر فيروسات من طبقة رجال الأعمال على المسافرين في كل اتجاه بمسدس انف لا يتوقف عن العطس، قلت لصاحبي: كان علينا ان نتزوّد ببعض كبسولات من فيتامين سين (جيم). خصلات شعره الأشقر المصقولة كان لي مثلها فيما مضى من الزمان ولكن سوداء.
ساعتان وهبطت بنا الطائرة مطار ميلانو المتواضع بسلالمه القديمة واوتوبيسه الحوت، الذي سرعان ما ابتلع ركّاب الطائرة لدقائق ثمّ لفضهم على بوّابة دخول الجمارك. بعد جمع الأمتعة اقلّنا سائق المرسيدس الذي دبّره الفندق بحسن تدبير من صاحبي، اخذت كعادتي في ميلانو حماما دافئا فور الوصول وبدأنا الإستعداد لوجبة العشاء في دون كارلوس. وجبة عشاء في دون كارلوس يعني عشاء بمعيّة الصديق محسن سليمان (رحمه الله) ورفاقه الكبار فيردي، فاجنر، فليتا، تترازيني على الطاولة رقم واحد التي اعدّها محسن سلفا لاستقبالنا.
"دون كارلوس أحد اروع المطاعم الإيطاليّة واحبّها اليّ"، قال صاحبي، كانت موسيقى فا بانسييرو (ايتها الأفكار) تندلق كعطر فاخر قديم على اسماعنا، يكاد كورال الصور التي تزيّن جدران المطعم ان يردد وراء كل مقطع: الله الله. النادل سيموني الطيّب الذي استقبلنا اول هذا العام عرفنا على الفور، "كنت قد وعدتنا بزيارة دبي" سأله صاحبي بينا راح يقدّم الينا كأسين من البريسّيكو، "لم يكن طفلي ذو الأربعة شهور يطيق السفر "اجاب سيموني، "الآن وقد تجاوز العام، صرت اتطلع لفرصة السفر الى بلدكم".
محسن سليمان يدير قرص الجرامافون ليحيّينا باغنية الشامبانيا (الشامبين) لموزارت من اوبرا دون جيوفاني الشهيرة. قال محسن: "لو طرق بابي شخص وفتحت له الباب وطلع بيتهوفن باقول وانا انحني امامه رافعا له القبعة: "شابو"، بس لو طرق الباب احد ففتحت وكان موزار لوقعت مغشيّا عليّ". آه يا محسن، كان عليّ ان اشقى سنينا لأعرف انّ علّة تلك الوقعة او الغشية التي انتابتك ما كانت الاّ لأن بيتهوفن لم يكتب في حياته المديدة الاّ اوبرا واحدة هي فيديليو، بينا راحت مخايل موزارت (على قصر عمره) تغدق تسعا وثلاثين اوبرا تحتلّ خمسا منها اكثر الأوبرات عرضا في العالم سنويا، لقد استلّ ملك الموت روح الموسيقار وهو لم يناهز السادسة والثلاثين من العمر.
سأل صاحبي عن طبق الديك المشوي اللذيذ الذي اكلناه اول هذا العام والذي لا يوجد في قائمة الطعام هذه الليلة، فرد سيموني انّ بإمكانه ترتيب ذلك مع الشف (الطبّاخ) في الغد بشكل خاص، فطلبنا منه حجز الطاولة رقم واحد لعشاء الليلة القادمة مع ذات الرفاق.
محسن يقلب قرص الجرامافون ويصرّ على اسماعنا اغنية (سيّدتي العزيزة اليك فهرس الأسماء) من اوبرا دون جيوفاني. عدنا بعد سهرة طيّبة الى جناح واليس سبنسر دوقة وندسور لتقصّ علينا انباء ادوارد الثامن، وما الذي دعى هذا العاشق الذي ما كاد يتوّج ملكا على بريطانيا في 20 يناير 1936 حتّى راح يضع التاج عند اخمص قدميها ويتنّحى عن الحكم في 11 ديسمبر من ذات العام.

http://www.electronicvillage.org/mohammedsuwaidi_article_indetail.php?articleid=42

No comments:

Post a Comment