Sunday, February 14, 2016

في 8 يناير وصلنا إلى "أماروزا"

في 8 يناير وصلنا إلى "أماروزا"




في 8 يناير وصلنا إلى "أماروزا"
هذه اللوكندا ذات الغرف الثلاثين في "سِنالونغا"….
وكأن بعددها يكتمل "السيمرغ" بحسب فريد الدين العطار الذي جعل العدد (30) دالاً على اكتمال عناصر البحث عن الحقيقة المطلقة
إنها "لوكاندا السيمرغ" أيضاً
وهنا اكتملت إحدى أكبر حقائقها عندما فوجئنا بالشيف دانييل كاميللا الذي تقلد مهامه في "أماروزا".
كان السيد دانييل قد أنقذنا العام الماضي عندما قصدناه في "رابولانا تيرني"،
فلقد كنا في مطعمه في ذلك اليوم الذي بدأ مشمساً ورائعاً في أول الأمر لدرجة حملتنا على اصطحاب آلات التصوير معنا.
ثم قصدنا مطعمه، وفوجئنا بعاصفة ثلجية كانت في مخاض طيلة اليوم، فهبّت وعصفت ولم تترك شيئاً إلا ومنحته بياضها.
وعندما خرجنا وقصدنا سيارتنا، لم نتمكن من تحريكها، وكان المكان مرتفعاً، فوقعنا في حيص بيص من أمرنا.
فما كان من دانييل إلا أن جاء لنا بسلاسل وربطها حول دواليب السيارة، ثم وبصعوبة بالغة تمكنا من إنزال السيارة إلى أسفل الطريق وقصدنا "أموروزا" وبلغناها بمشقة كبيرة.
وفي الليلة الأولى، تناولنا فيها العشاء معه قدّم "البتشي باستا" مع "راغو البيف"، أي مرقة اللحم، و"الكانتينا" (لحمة توسكانيا)، وطلبنا منه في ذلك المساء أن يعد لنا طبق الدجاج المشوي لعشاء الليلة التالية.
2
في 9 يناير، كنت أجلس خلف السيد (م) الذي كان يصوّب عدسة كاميرته مترقّباً قرع ناقوس "أماروزا"، وكأنه يستجمع أطرافه لينقضّ على الجرس قبل العدسة.
بينما كانت (ف) تصوّرنا من جهة ثالثة هي الأخرى.
ثم قصدنا بعد ذلك "بييزا"، ومن متجر الأجبان (بوتيغا دا كاتش)، اقتنينا عسل الكستناء.
أخبرنا صاحب المتجر أنه لم يبق عنده سوى زجاجتين منه، فسألناه عن موسمه، فقال إنه الربيع.
عندما ذكرت (فاء) بلدة "بتليانو"، وسردت علينا كيف اتخذها اليهود وأطلقوا عليها "القدس الصغيرة"، قال (م): صارت لهم قدسان، لا واحدة.
ثم أردف أن أكثر رواد مطاعمهم "الكوشر"، أي الحلال، هم من العرب والجالية الإسلامية. هنا تذكرت حكايتي مع الصديق محمد خضر في لندن، فلقد كان رجلاً يلتزم تنفيذ ما يوصى به حرفياً، وفي ذات مرة، طلبت منه أن يأتي لي بساندويتش "ديك الحبش"، وهو أول ما طرأ على بالي لعلمي بوجود مطعم قريب يبيعه، فنزل محمد ودخل مطعماً يهودياً على ناصية الشارع، وسألهم: "هل لديكم دجاج حبشي؟".
فشعر القائمون على المطعم كما لو أن محمد سألهم: "هل يوجد لديكم شيء يخصّكم دون سواكم، فكل شيء عندكم منحول أو من أصول أخرى".
فقالوا له: "بل يوجد لدينا دجاج إسرائيلي".
وما أن سمع ابن غزة أن إسرائيل وصلت إلى الدجاج حتى غادر المطعم مسرعاً لا يلوي على شيء، وعاد خالي الوفاض.
فسألته أين الغداء: فقال ليس لديهم ديك حبش، ثم قص حكايته.
وكانت حرفيته والتزامه بجلب ما أوصيته به من دون أن يجعل مخيلته تتمدد قليلاً خارج ديك الحبش، فوّت علينا غداء ذلك اليوم.
3
عرجنا على "مونتلتشينو"، فاستقبلنا مصطفى في مطعم "بوترزيني".
كان استقبالاً حافلاً شبيهاً بمن تقطّعت به السبل وعاد إليه أهله بعد غيبة طويلة.
جلسنا لتناول وجبة غداء في هذا المطعم العائلي الذي نتردّد عليه ونزوره كلما ألممنا بـ "سِنالونغا".
صادفنا ريحاً باردة في هذا المكان، فعدنا بذاكرتنا إلى (سام) في مطعم "ليدبيري" في لندن حيث تعرفنا على "عنب سان جوفيزي" للمرة الأولى.
وقبل ذلك بيومين، كنا قد قصدنا "بورتو فينو" في "راباللو"، فاستبقنا الأصدقاء إلى لقاء باتريشيا التي عرّفتنا على الفنان توماسو، فاقتنينا بعض أعماله بعد أن حسم جزءاً من المبلغ.
فكلّفته بإنجاز مئة عمل لأهم المشاهد السينمائية التي سأنتخبها من أجل معرضي المقبل.
أما باتريشيا، فشكت إلينا ما آلت إليه أمور ابنتها التي اقترنت بمغامر إيطاليّ يهوى ركوب الرياح.
فسألتها عن عمله، فقالت ليس له عمل.
فقلت ومن أين لهما المصاريف اللازمة لحياتيهما وهواياتهما؟
فأدركنا أنه وزوجته لا يزالا يعيشان على نفقة والده المحامي، وقلت في نفسي: لقد ركب الهواء هذا المغامر مع ابنة باتريشيا ولن يقبض سوى الهواء.
وهنا اتضحت لي مكامن الخلل الذي أصاب أوروبا، فهناك عزوف جماعيّ عن العمل، وهذا ما انعكس على اقتصادها.
ذهبت (ه) التي وصلت متأخرة لتتقصّى أجور التنقّل من "بورتوفينو" إلى "راباللو" بعد أن عرجت علينا ولم تجدنا لأننا كنا مع السيدة باتريشيا في منزلها نصغي إلى معاناتها مع زوج ابنتها الهوائي، فاكتشفتْ أن أجرة التاكسي من "بورتوفينو" إلى "راباللو" تكلّف 30 يورو، بينما لا تكلّف أجرة الباص أكثر من 1,70، أي أقل من 2 يورو لكل شخص.
ثم عثرت على سيارة فيانو تقلّ خمسة أشخاص، وهو الأمر الذي تعذّر علينا عندما لم يتمكن موظفو الفندق من توفير سيارة تتسع لخمسة أشخاص، فاعتذروا عن الأمر وطلبوا سيارتين.
قال مانويل السائق وهو من مواليد برج "العذراء"، أن جميع موظفي الاستقبال في فنادق "راباللو" يعملون مثل المافيا، فهم يقفلون الهاتف بوجهك ما أن تسألهم عن زبون.
كان جوسيب وابنه يتقاضون أجرة مضاعفة أثناء تنقلنا بسيارتيهما، وطلب جوسيب أجرة قدرها (630) يورو عندما أقلّنا من "رابالو" إلى مطعم "جوليانو" في "سستري لي فانتي" ذهاباً وإياباً، فنقدته 700 يورو.
أما مانويل، فلقد عرض 250 يورو مع إمكانية انتظارنا طيلة السهرة هناك.
عندما علمنا بوفاة (ايميليو جوندوللني) عرّاب عناكب راباللو حيث تُنسج أفخر أنواع الليس (وهو ضرب من المطرّزات النسيجية)، انتابنا الحزن.
قال جوسيب أن العراب توفي في نوفمبر من العام الماضي بعد صراع مع مرض السرطان.
في محل "أنتيكيتا" الذي تديره أنتونيا دي أندريا في "راباللو"، اقتنينا مجموعة من التحف الرائعة، وعندما دخلنا "توسكانيا"، كان ذلك مدعاة لوجوم "تترازيني" وحزنها وكذلك "غالي غورتشي"، فلقد نبذهما أصدقاؤنا واختاروا عوضاً عنهما معلومه بنت الميداح، وعبد الكريم الكابلي، ومرسول الحب للركابي.
اختاروا هذه الجوقة من الأصوات يدخلون بها "توسكانيا" ويشنّفوا آذانها.
http://www.amorosa.it/

http://www.electronicvillage.org/mohammedsuwaidi_article_indetail.php?articleid=66

No comments:

Post a Comment