Monday, May 23, 2016

سَطيف .. أَرضُ الجَبابِرة



سَطيف .. أَرضُ الجَبابِرة
سطيف، إنّها هي -دُون غيرها- ما تلهبُ قلوبَ الجزائريين..
شعب تكمن عميقاً فيهم أرواحُ جبابرة تستنهض الأحداث حضورهم، فيبزغون من كلّ فجّ عميق.
لقد نهضت فيهم جينات الجبابرة هذه، ونفضوا عن صدورهم كابوس أعتى قوة استعمارية كانت قد احتفلت بمرور قرن من الزمان في عام 1930م، على وجودها في الجزائر، بل وأنشأت آلاف الوحدات العمرانية تأكيداً لبقائها الأبدي فيها، والتعامل مع الشعب الحيّ كمجموعة سكانية قابلة للتذويب بطرق شتى، ومنها تلك المقتلة الهائلة التي راح ضحيتها 45 ألف جزائري في يوم واحد.
سَطيف، التي دخلْتُهَا في العاشرة من صباح الأربعاء الحادي عشر من ديسمبر من عام 2013م، كان لنا موعدٌ مع سطيف المدينة التي حننا إلى لقاءها طويلاً.
نحن في منزلة الإكليل (اكليل العقرب)، كانت الشمسُ في برج القوس، وكان القمرُ يعقد موعداً مع الحمل الثرثار، وأمّا الزهرة فراحت ترنو إلى الجدي بحنوّ.
عندما بلغنا دارة الوالي استقبلنا الوالي "محمد بودربالي" على باب الدار، وبعد تناول الشاي الجزائري سألنا عن جوز سطيف "الإرجيقن" الذائع الصيت، كما ورد في كتب التراث. فلقد ذكره المقدسي، وابن البيطار، والقلقشندي وغيرهم من علماء العرب.
ولم نعد إلا ونحن نحمل منه ما يجعلنا لا نكفّ طيلة فترة إقامتنا عن تهشيم قشرته الصلبة واستخراج اللبّ.
ثمّ قصدنا "العين الفوّارة"، قال الوالي: إنّ من يشرب من ماء الفوّارة حتما سيعود اليها.
وفي متحف المدينة استقبلنا مدير المتحف وراحت فتاة تقدّم الشرح في قاعات المتحف الخمس، كان أهمّ ما شاهدناه هو لوحة موكب "باخوس" المعشّقة بالفسيفساء التي يظهر فيها الإله "باخوس" وأسوده عائداً من غزوة الهند، يجر وراءه الملوك والأمراء المكبّلين بالأغلال، وشاهدنا كذلك "مولد فينوس" الذي استلهم موضوعها "بوتاشيللي" فيما بعد.
قلت لصديقنا الوزير/ بوغازي ونحن عائدون في طريقنا للجزائر: لقد ترك الرومان أرض الجزائر كما تركها الفرنسيّون، تركوها لمّا قاوَمَتهم بالحديد والنار، تركوا قصورهم ومنتزهاتهم ومعابدهم ومسارحهم وحمّاماتهم، وحتّى أربابهم وربّاتهم ورحلوا.

No comments:

Post a Comment