Friday, June 3, 2016

بحيرة تراسيمينو



بحيرة "تراسيمينو"
السادس من يناير 2012م
ما السرُ في تلك الأمكنة التّي ما أن نغادرها حتّى تغادرنا، وتلك التي تخطف ألبَابَنا وتظلّ تُنادينا.. تلك الأمكنة التي لا نمنحها إلا ظلّنا العابر، وتلك التي نخلَع عليها بعضاً من روحنا !.

قال جوته: لمّا غادر "بيروجيا" في صباح مجيد: "شعرت بنعمة الخلوة بنفسي من جديد. إنّ موقع البلدة جميل، ومنظر البحيرة ساحر. سأختزن صورهما في البال أبداً". ها نحن نمثل في نهارٍ مشرق للمرّة الثانية أمام منظر البحيرة الساحر، لم نميّز شاعر انجلترا الكبير "بايرون" في زورقه حتّى سمعنا هدير رفيقه "ستندهال" يقول: »أربعة أو خمسة أيّام من فلورنسا تحتاجها لبلوغ روما بكلفة أربعين أو خمسة وأربعين فرانك، أحبّذ طريق بيروجيا على طريق سينّا، بمقدورك زيارة اريتزو التي ما كاد يطرأ عليها جديد منذ عهد دانتي، ثمّ مشاهدة ما يلفّ بحيرة تراسينيمو من جمال«. تناولنا وجبة غداء خفيفة في (إلمولو).
- قبل ثلاثة اعوام- جلست امرأة مثقلة النهد (شايله مثل شيشات العرق) كما قال "بن لعبون" في ذات المطعم، وراحت تنقر بكعبها الأرض نقراً كسوط عذاب لم يبارح بال صاحبي حتى كاد أن يربط ذكرى الطاولة والمطعم والبحيرة بالكعب.
"تراسيمينو" الأمير ابن الملك التروسكاني والبحيرة ارتبطا إلى الأبد، فعندما حلّ الأمير ليستريح من وعثاء السفر هناك، صادف عقيلة (اجيللا) الحوريّة التي كانت تسكن إحدى جزر البحيرة الثلاث فوقع في غرامها، ولم يفترقا إلى أن وافته المنيّة، فنَعتْهُ زمناً طويلا، وخلعت على البحيرة اسمه. يحكى أنّه ما أن تداعب النسائم العليلة في ليالي أغسطس من كلّ عام صفحة ماء تلك البحيرة حتى يُسمع نواحها ترجّعه النسمات في انتظار أوبته.
في ربيع عام 217 قبل الميلاد روّع "هانيبال" القرطاجي (القائد التونسي المحنّك) هذه البحيرة بفيلته التي عبر بها جبال الألب، وقضى على الجيش الروماني البالغ عدده ثلاثون ألفا في هزيمة ساحقة خلّدها التاريخ، فلول الجيش الهاربة الذين كانوا يحملون الأغلال ليسلكوا فيها الأسرى الذين كانوا يأملون بيعهم في أسواق روما بيع العبيد ذبحو على شواطيء الجزيرة حتى تضرّجت مياه البحيرة بالدماء، وهيمن "هانيبال" على شمال إيطاليا حتّى مُلئت منه روما رعباً.
سأل صاحبي عن أصل كلمة "هانيبال" أو "حنا بعل" فقلت: بَعْلُ هو الإله، وحنّا من حنان أو فضل، كأن تقول اليوم: حنان الله أو فضل الله، أما سمعت قوله تعالى: "وحناناً من لدّنا".. ما زال الإسم يا صديقى حيّا في (ميتافور) الأسماء.
‫#‏محمد_أحمد_السويدي‬
‫#‏تراسيمينو‬

http://www.electronicvillage.org/mohammedsuwaidi_article_indetail.php?articleid=118

 

No comments:

Post a Comment