Tuesday, June 14, 2016

The Devils الشياطين

 


The Devils   الشياطين
ندعوكم للتعرف على رواية " الشياطين " من تأليف الكاتب الروسي فيودور ميخايلوفتش دوستويفسكي والاستماع لملخص الكتاب.. وهو من مشروعنا (‫#‏101_كتاب‬)، وهي الكتب التي انتخبتها صحيفتا الغارديان البريطانية، وألو موند الفرنسية، من قائمة الكتب الأكثر تأثيراً في الحضارة الإنسانية...
http://101books.electronicvillage.org
 
"الشياطين" The Devils
 
"ألشياطين"، رواية من تأليف الكاتب الروسي فيودور ميخايلوفتش دوستويفسكي الذي ولد عام 1821 وتوفي عام 1881. كان لأعماله الأثر البالغ في الأدب العالمي اواخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين، وشخصياته دوماُ في حالة اليأس وعلى حافة الهاوية، ويذهب عميقاً في تحليل النفس البشرية، إضافة الى النظرة الثاقبة في أحوال روسيا الاجتماعية والسياسية.
"الشياطين" رواية سياسية، كما يتفق النقاد، والفكرة التي عبرت عنها هي أن ثمة ما يتحرك في الفكر الروسي، والسلطات تخشى ذلك التحرك، وتفشل في التعامل معه. أصحاب الفكر الجديد التغييري هم أعضاء في خلية ثورية في الريف الروسي، وتدور الأحداث بين عزبة ستيبان تروفيموفتش فرخوفنسكي وعزبة باربارا ستافروغين. إبن ستيبان شاب ثوري يسعى إلى تشكيل شبكة من الثوريين، فيضم نيكولاي إبن باربارا، والأخير كاره للبشر وللحياة، وهو الأنسب للعمل الإرهابي، ويمكن تكليفه أعمالاً إرهابية او انتحارية. ويزداد عدد أفراد الشبكة، ويزداد معها الانشقاق والاتجاهات الفكرية المتضاربة التي تمثل سجالات او نقاشات روسيا في ذلك الزمان. وينتهي أمر الشبكة حين تآمروا على قتل أحد رفاقهم لكي يصبح هذا القتل هو الشراكة التي توثق عرى الشبكة، والتي سرعان ما تكتشفها السلطات، فيهرب البعض، ويلقى القبض على الباقي، وتتم محاكمتهم ونفيهم إلى سجون سيبيريا.
الجدير ذكره ان دوستويفسكي كان عضوا في تنظيم ثوري عرف باسم "جماعة دائرة بتراشيفسكي"، وحكم على أعضائها بالإعدام، وتم خفض الحكم إلى النفي إلى سيبيريا لأربع سنوات. ولا شك أن المنفى لعب دورا في تشكيل أفكاره.
ويلاحظ النقاد أن نقد دوستويفسكي للإتجاه الثوري وللأحزاب والشبكات لا يعني موافقته او رضاه عن القيصرية، والتي بقي معارضا لها ومناديا بالتغيير من أجل روسيا جديدة.
عل أغرب ما في أمر رواية «الشياطين» لدوستويفسكي هو كونها الرواية التي أثارت أقل قدر من اهتمام السينمائيين في القرن العشرين. إذ بينما حوّل هؤلاء القسم الأكبر من روايات دوستويفسكي الكبرى الى أفلام، ثم لاحقاً الى مسلسلات تلفزيونية، نرى «فيلموغرافيا» هذه الرواية أقرب الى الخواء، إذا استثنينا فيلماً حققه البولندي زولافسكي في فرنسا عنونه «المرأة العمومية» وجعل بطولته لنجمة الإغراء في الثمانينات من القرن الماضي فاليري كابريسكي، ما ضيّع على كثر فرصة التنبه الى ان الفيلم مأخوذ عن «الشياطين»؟ وإذا استثنينا كذلك مسلسلاً تلفزيونياً حققته الـ «بي بي سي» البريطانية (التي هي على الأقل لا يمكن ان يفوتها شيء من هذا القبيل)، عدا عن هذين العملين، لا شيء تقريباً في ما يتعلق بأفلمة «الشياطين»، ولندع جانباً هنا محاولات في السينما المصرية ليس من الضروري التوقف عندها.
> ومع هذا لا بد من القول ان «الشياطين» هي واحدة من أقوى روايات دوستويفسكي وأكثرها التصاقاً بالواقع التاريخي الذي كُتبت في إطاره. ما يعني – في هذا الإطار – انها الأكثر سياسة بين روايات صاحب «الأخوة كارامازوف» جميعاً. ومن هنا غرابة سوء التفاهم الذي نجم في صدد موضوعها حين ترجمت الى الإنكليزية والفرنسية، مرة أولى تحت عنوان «الممسوسون» بدلاً من «الشياطين»، ذلك ان تلك الترجمة أعطت الرواية بعداً ما ورائياً ميتافيزيقياً، لا يتناسب في الحقيقة مع موضوعها الدنيوي السياسي المباشر. ويذكر منتقدو هذه العنونة ان ألبير كامو، الكاتب الفرنسي الكبير ساهم مساهمة اساسية في ذلك الخلط، حين مسرح الرواية بالعنوان المرتبك وأضفى على عملية المسرحة طابعاً وجودياً ما، يتناسب وأفكاره.
> مهما يكن، لا بد من العودة هنا الى واقع ان «الشياطين» هي الرواية التي اقترب دوستويفسكي فيها من السياسة الى اقصى درجات الاقتراب، وهو أمر جرى التعاطي معه أكثر وأكثر بحيث ان عنوان «الممسوسون» غاب تماماً ليحل محله «الشياطين» في شكل نهائي، وبالتالي ليسود اعتبار الرواية سياسية. بل ان ثمة من الدارسين من يعتبرها كتاباً سياسياً ارتدى طابع الرواية، وشاء دوستويفسكي من خلاله، ان يدلي بدلوه في النظر الى الأوضاع السياسية في بلاده عند مفتتح الثلث الثالث من القرن التاسع عشر (كتبت الرواية ونشرت سنة 1872)، في وقت كانت النزعات الثورية الديموقراطية بدأت في الازدهار في روسيا، وراحت السجالات بين فرقها ومفكريها تزداد حدة، ما جعل الكاتب الذي كان اعتاد قبل ذلك الدنو من المسائل السياسية في شكل موارب أو من طريق الكناية، يزداد وضوحاً في تعاطيه السياسي. ومن هنا، لئن نظر النقاد الى شخصيات «الشياطين» على أنها شخصيات رمزية، ترمز كل واحدة منها الى طبقة أو الى مستوى فكري معين، فإن ما لا بد من قوله هنا ايضاً هو ان دوستويفسكي عرف في الوقت نفسه، وعلى رغم سياسية الموضوع ورمزية الشخصيات كيف يعطي هذه الأخيرة من الحياة والحيوية والخصوصية، ما جعلها لا تقل أهمية وإنسانية عن بقية الشخصيات الكبرى في رواياته التي تسمى «الروايات الأساس».
> الفكرة التي أراد دوستويفسكي التعبير عنها، والتي تلوح واضحة منذ البداية، هي ان ثمة شيئاً ما بدأ يتحرك في الفكر الروسي... من الصعب الحكم عليه منذ الآن بما إذا كان يصلح أو لا يصلح لروسيا، ولكن في المقابل يمكن القول انه جدير بالمتابعة، حتى على رغم حامليه وسطحيتهم في بعض الأحيان، كما يجدر التوقف عند واقع ان السلطات الرسمية المحافظة في ذلك الحين، تبدي إخفاقاً إثر إخفاق في التعاطي مع تلك الأفكار الجديدة والتعاطي في الوقت نفسه مع ما سيترتب عليها اجتماعياً. من هنا واضح ان ميول دوستويفسكي تسير نحو الأفكار الجديدة نفسها، في إجماليتها وفي ما يمكن ان تسفر عنه... لكن هذه الميول لا تبدو شديدة الاستساغة لحاملي الفكر أنفسهم. وإذا كان يبدو على دوستويفسكي انه لا يتفق مع أسلوب التآمر الذي يتبعه أصحاب هذا الفكر ضد السلطات، فإن هذا لا يعني ان الكاتب – المفكر، يؤيد السلطات في تخلفها وموقفها السلبي من الأفكار تحت ذريعة التصدي لمساوئ أصحاب هذه الأفكار. انه وضع شديد الجدلية بالنسبة إلى دوستويفسكي، من الواضح انه لم يسبق له قبل ذلك ان عبّر عنه أو عن مثيل له: وضع التمزق بين نصاعة فكر وتفاهة أصحابه، وعدم الموافقة على تصرفات من هو موجه ضدهم، مع خشية انتصار حاملي الفكر على هؤلاء، فيكون الفكر نفسه هو الضحية في النهاية. والحقيقة ان هذا التمزق الذي قد يمكن اعتباره البعد الأول في الرواية كان دوستويفسكي مبكراً في ذلك الحين في طرحه، ومن دون أن يعلم انه سيكون من شيم كبار المثقفين الشرفاء طوال القرن العشرين، حين وقفوا حائرين بين أفكار مضيئة تعد بالتغيير، وبين أصحابها الذين لا يتناسب هذا التغيير مع سلوكهم.
> وأصحاب الفكر التغييري في «الشياطين» هم أعضاء في خلية ثورية تتكون في منطقة روسية ريفية في زمن أحداث الرواية... والأحداث جميعها تدور بين عزبة ستيبان تروفيموفتش فرخوفنسكي وعزبة باربارا ستافروغين. ومنذ البداية نعرف ان بيوتر ابن ستيبان هو شاب ثوري يسعى الى تشكيل شبكة من الشبان الثوريين في المنطقة... وهو يضع في رأسه ان يضم أول ما يضم إلى الشبكة نيكولاي ابن باربارا، لمجرد انه يعرف نيكولاي جيداً، ويعلم ان هذا الأخير كاره في طبعه للبشر، ومن هنا يسهل اجتذابه إلى أي عمل إرهابي. وواضح أن أسلوب بيوتر الثوري الجديد يقوم على الإرهاب أولاً وأخيراً... وأنت كي تكون إرهابياً تسعى إلى إيصال أفكارك عبر الإرهاب، لا بد من أن تكون كارهاً للبشر غير متورع عن قتلهم وإيذائهم حين يقتضي الأمر ذلك. وعلى هذا النحو يتحرك بيوتر لتشكيل شبكته، وبسرعة يتمكن من ضم عدد من أصحاب النزعة التمردية مثل شيغاليوف الذي لا يتوقف عن ثرثرة ذات سمات فلسفية الشكل ليبرر كل ما يقدمون عليه، ومثل كيريلوف ذي النزعة الانتحارية الأساسية في شخصيته، ما يسهل في رأي بيوتر، تكليفه بأعمال إرهابية انتحارية، والجندي السابق فرجنسكي الذي يفترض به ان يكون المسؤول العسكري للفرقة. وما ان يجتمع شمل هذه المجموعة حتى يرى بيوتر ان افضل طريقة لاختبار ثقة كل واحد منهم به، وارتباطهم العميق كل واحد بالآخر، تكمن في الإقدام على قتل الشاب ايفان شاتوف، على رغم انه رفيقهم في التنظيم المتآمر. انها خطوة قد تبدو غريبة، ولكن لا بد منها لترسيخ العلاقة بين الجماعة واختبار صلابة ترابطها. وتقوم خطة بيوتر على ان كيريلوف، الذي كان أعلن استعداده للانتحار، سيورد في رسالة يتركها بعد انتحاره انه هو الذي قتل شاتوف، بينما سيكون بيوتر هو القاتل الحقيقي. غير ان هذه الخطة الحمقاء والمعقدة، سرعان ما تنهار حين يقتل نيكولاي نفسه ويضطر بيوتر الى الهرب فيما يلقى القبض على بقية «الثوار».
> طبعاً رواية الأحداث على هذا النحو لا توضح عمق الفكرة التي أراد دوستويفسكي إيصالها. ولكن لا بد من الإشارة الى ان هذا الأخير كوّن روايته من قصتين كان يشتغل عليهما، تنطلق إحداهما من أحداث حقيقية وقعت سنة 1869 وسط أجواء مجموعة «ثورية» سمّت نفسها «ثأر الشعب»... واستعار دويستويفسكي من زعيمها تيتشاييف لرسم شخصية بيوتر في روايته. ودوستويفسكي لم يكن يريد مهاجمة ايديولوجية هؤلاء الثوار في روايته بقدر ما أراد ان ينتقد كل تلك الهوة التي تفصل بين الفكر وأصحابه، إن تم تبنيه عشوائياً. وهذه الرسالة وصلت في حينه، حيث ان الرواية ما ان صدرت حتى حققت نجاحاً كبيراً في أوساط الشباب، على رغم محاربة الرقابة لها.

No comments:

Post a Comment