Thursday, August 11, 2016

السلامُ عليكَ ياصاحب القبر




سألت الصديق «سيف بن حمر عين» ونحن في مجلس الوالد عن صديقه «خالد المري» الذى لا يكاد يفارقه.
فقال وعلائم الأسى تلوح على مُحيّاه: إنّ صديقي لم يأت الليلة.. ثم أضاف: وأنا لا أخرج إلا بصاحب، فلم أَعْتَد على الخروج وحيداً.
فقلت له: رحم الله جدتي (أٌم أحمد) فلقد كانت تُردّد على مسامعي قولها: ثلاثة أمور لا تفرط فيها: أنْ لا تكون وحدك وإتخذ صديقاً لأنك لا تعرف متى ستحتاج إليه، ثم ألا تعيب أحداً لأن العيب على الباب، ولا تستمع لنميمة لأنك متى إستمعت إليها سيتغير قلبك على النّام والمنموم عليه.
ثم حدثني قائلاً: إن عمتك «عوشة»* سيدة الشعراء أطال الله في عمرها، ففي آل السويدي للشعر صولة وجولة، ولقد قبضتْ على طرفَيْ مضمار الشعر بيديها. وأردف أنه كان ملازماَ للشاعر/ راشد الخضر وهو من السودان** أيضاً.
ثم أنشدني قصيدة قالها الخضر في مدح «جمال عبدالناصر» وكانت بالعربية الفصحى، وللخضر في ديوانه مجموعة نصوص كتبها باللغة الفصحى.
فقلت: رحمَ الله راشد؛ فلقد كان شعره شبيهاً بسبائك الذهب، وهو شاعرٌ ابن شاعر فأبوه «سالم بن جبران السويدي» كان شاعراً مجيداً أيضاً، ولقد توفي وعمر راشد لا يتجاوز الثامنة.
ثم أنشدته قصيدته التي قال فيها:
أنوح كني في بحـر نـوح ** وأنت بسفينة نوح ناجـي
انا بسماء وما وانت بسيوح ** شتان مستانس وشاجـي
ظبي ربى في عالي سطـوح ** وأرمانيه تحـت المراجـي
ما ريت مثله في البشر روح ** ومثلي هواوي وهو بلاجـي
معناك في القاموس مشروح ** بسلوب سرج في سراجـي.
فإستحسن الأبيات، ثم قرأت له شيئاً من شعر «سعيد بن عتيق الهاملي»، الذي يشترك مع راشد الخضر في أن كليهما ماتا ولم يتزوجا قطّ -رحمهما الله-:
واللي توده باطني أو ظاهر تسمح ولو هو من جداك ايعيل
واتغفر زلاته ولا تطريها ويكون له طرف العيون كليل
وهديه فن ما يقوله غيرنا وأهله غدو في ذا الزمان جليل
تيفان بن ظاهر أو عصر ماضي عيب على بيت يقال هزيل
ونحنا ترى أمثالنا لمثالهم ومسايل تتبع مغاني سيل
ولا يندخل نفسي على صندوقها لو هي على لفظ اليواب دليل
ثم تداخلت أراضي الكلام فصارت تعبر بعضها بعضاً حتى بلغنا «ابن ظاهر الماجدي» فسألني عن زمنه ومتى عاش، فقلت له: لقد عاش قبل قرابة ثلاثمائة سنة.
فقال: إنّ لي منزل في (الخران)*** يحاذي قبره.
فقلت: لقد أقام في الخران أخريات حياته وأوصى أن يدفن فيها بعد أن إختار البقعة التي تضم رفاته بنفسه، وكان إختياره بعد تجريب تربة مناطق عدة حتى إستقر على الخران ودفن فيها..
وهذا شبيه بحكاية بناء مارستان (مستشفى) بغداد عندما وضع الطبيب «الرازي» قطعاً من اللحم في أماكن متفرقة من بغداد وبني المستشفى على المنطقة التي مكث اللحم فيها دون أن يتعفن مدة أطول.
ثم أخبرته أنني زرت قبر «بن ظاهر» في الخران وكتبت فيه مقالاً نُشِر قبل سنوات وعنونته: السلام عليك يا صاحب القبر.
‫#‏محمدأحمد_السويدي‬
‫#‏العمة_عوشة‬
‫#‏راشد_الخضر‬
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* العمة عوشة هي : الشاعرة الإماراتية الشهيرة «عوشة بنت خليفة بن أحمد بن خليفة بن خميس بن يعروف السويدي»- (1920-) من رواد الشعر النبطي الإماراتي.
** السودان: اسم قبيلة، وواحدهم سويدي، وهي قبيلة عربية قضاعية من قبائل حلف بني ياس و هم أول من أسس مدينة البدع (الدوحة حالياً) وينتشر أفراد القبيلة في الإمارات العربية المتحدة و قطر و البحرين و السعودية و الكويت و عمان.
*** الخراّن: منطقة الخران احدى أقدم مناطق راس الخيمة- الإمارات
 

No comments:

Post a Comment