Wednesday, July 19, 2017

«بجعة كاتانيا»



«بجعة كاتانيا» من رحلتي إلى إيطاليا
|| #محمد_أحمد_السويدي_ || #مقالات || #رحلات
* يمكنكم الاستماع لهذا النص بصوت الشاعر / محمد السويدي على قناتنا في ساوند كلاود من خلال الرابط التالي
https://soundcloud.com/his-excellency-mohammed…/pw5vsl2w2dnl
كيف تتحدّث عن إيطاليا ولا تعرّج على قلبها في الموسيقى: فينسنزو بلّليني؟ زار بللّيني الصقّلي - بجعة كاتانيا – أرضنا في الثالث من نوفمبر عام 1801م، ورحل عنها في 23 سبتمبر 1835م، مخلّفا وراءه أربعة أعمال خالدة في دنيا الأوبرا، من جملة أعماله التي لا تزيد على أصابع اليدين. إل بايراتا (القرصان) التي بوأته سماء المجد بين يوم وليلة، ولا بيوريتاني (البيوريتان) التي تنفث آريّاتها في إذنيك السحر، ونورما التي يختبر بها أبوللّو أداء ربّات الصوت، ولاسانامبولا (السائر في النوم) التي اصطفاها لتنقش آياتها الموسيقيّة على ضريحه في المقبرة الشرقيّة في باريس. قال عنه فاجنر: "كلّه قلب"، وكتب هو إلى صديق: "أشعر بأنني كبيتهوفن، صرت آلة لقوة إلهيّة خفيّة". أما تاجر الحرير فريديناندو تورينا زوج جويديتّا تورينا، فيرى أنّه الشيطان ذاته. فبينما كان التاجر يعكف على غزل الحرير في مصنعه في نابولي، كانت زوجته تنعم بحياة حرّة بعيدا عن زوجها المشغول، وتسافر مع أخيها إلى أصقاع إيطاليا، وصادف اجتماعها مع الموسيقار الذي سمع عنها كثيرا في جنوه في ربيع عام 1828م، وهي لم تتجاوز الخامسة والعشرين بعد، فعاشت في أحضان الشاعر سنوات يتبادلان الحب سرّا في فنادق المدن الإيطاليّة، إلى أن نمى خبرهما إلى زوجها التاجر بعد مرور خمس سنين، فلاذ إثر ذلك الموسيقار بالفرار من بلاده.
كتب إلى صديقه الحميم فلوريمو يقول: كانت في نشوة من الحب تقول: بللّيني، أستظلّ دائما تحبنّي؟ وهل سيزداد حبّك لي؟ وأجيبها: "أقسم بذلك يا حبيبتي". 
قام هذا الصّديق بحرق مجموعة الرسائل المتبادلة بين الموسيقار والسيّدة جويديتّا في شيخوخته، قبل أن يسلّم مكتبة الكونسرفتوار في نابولي أوراقه.
عزيزتي جويديتّا:
من يلومك على الفزع من تاجر الحرير الفظّ، إلى أحضان موسيقار السماء؟ ولكن ليت شعري كيف آل ذاك الحبّ بعد انقضاء السنين الخمس؟ أكما آلت اليه تلك الزهرة التي حدّثنا عنها في اللاّسانامبولا؟ أم تراه غنّى لك ذاك اللحن الإلهي وهو يعرض عليك خاتم أمه ويهمس: إنّه خاتم أمّي، وهي تبتسم الآن لحبّنا؟ أم أنّك حبست في قفص الحرير النابولي، فلم ينته إليك ما آل إليه حبيبك بللّيني من مجد وكيف راح يرتقي سلّم الخلود؟

No comments:

Post a Comment